الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا يَخْرُجُ مِمَّا يَجِبُ غَسْلُهُ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ رُطُوبَةَ الْفَرْجِ ثَلَاثُ أَقْسَامٍ طَاهِرَةٌ قَطْعًا وَهِيَ مَا تَكُونُ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَظْهَرُ عِنْدَ جُلُوسِهَا وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْغُسْلِ وَالِاسْتِنْجَاءِ، وَنَجِسَةٌ قَطْعًا وَهِيَ مَا وَرَاءَ ذَكَرِ الْمُجَامِعِ، وَطَاهِرَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَهِيَ مَا يَصِلُهُ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ شَيْخُنَا. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ.(قَوْلُهُ وَمِنْ وَرَاءِ بَاطِنِ الْفَرْجِ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا الْخَارِجَةُ مِنْ دَاخِلِ الْجَوْفِ وَهُوَ فَوْقَ مَا لَا يَلْحَقُهُ الْمَاءُ مِنْ الْفَرْجِ سم.(قَوْلُهُ وَالْقَطْعُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ وَرَاءِ بَاطِنِ الْفَرْجِ.(قَوْلُهُ فِي الْكُلِّ) أَيْ مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِنَجَسٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ مُغْنِي.(قَوْلُهُ مِنْ الْحَيَوَانِ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.(قَوْلُهُ مِنْ الْحَيَوَانِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.(قَوْلُهُ الطَّاهِرُ) خَرَجَ بِهِ النَّجِسُ كَكَلْبٍ وَنَحْوِهِ نِهَايَةٌ.(قَوْلُهُ فِيهَا) أَيْ الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ حَالٌ مِنْ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ فِيهَا (أَقْوَى مِنْهُ) أَيْ مِنْ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ خَبَرَانِ أَيْ تِلْكَ الثَّلَاثُ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ مِنْهُ (مِنْ الْآدَمِيِّ) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ فِيهَا.(قَوْلُهُ مِنْ تَقْرِيرِهِ) أَيْ الشَّارِحِ الْمُحَقِّقِ (لَهُ) أَيْ لِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ.(قَوْلُهُ أَمَّا الْأُولَيَانِ) أَيْ طَهَارَةُ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ (فَأَوْلَى مِنْ الْمَنِيِّ) أَيْ بِالطَّهَارَةِ.(قَوْلُهُ شَرْطُهُمَا) يَعْنِي شَرْطَ طَهَارَةِ الْأُولَيَيْنِ.(قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَا) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ.(قَوْلُهُ وَهُمَا) أَيْ الْأُولَيَانِ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ (أَوْلَى مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَنِيِّ غَيْرِ الْآدَمِيِّ.(قَوْلُهُ وَيَدُلُّ لَهُ) أَيْ لِكَوْنِهِمَا أَوْلَى مِنْ الْمَنِيِّ بِالنَّجَاسَةِ.(قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ الْآدَمِيِّ.(قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِي الرَّدِّ الْمَذْكُورِ.(قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْآدَمِيِّ.(قَوْلُهُ بِنَجَاسَتِهِمَا) أَيْ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ مِنْ الْآدَمِيِّ.(قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ مَا أَبْطَلَهَا.(قَوْلُهُ وَلِهَذَا) أَيْ لِأَنَّ أَصَالَةَ الْمَنِيِّ لَمْ يُعَارِضْهَا شَيْءٌ وَأَصَالَةَ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ عَارَضَهَا مَا ذَكَرَ.(قَوْلُهُ مَعَ ذَلِكَ) أَيْ النَّظَرِ الْمَذْكُورِ.(قَوْلُهُ بَلْ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُ الْمِنْهَاجِ وَلَيْسَتْ الْعَلَقَةُ وَالْمُضْغَةُ بِنَجَسٍ وَقَوْلُهُ لِمَا ذَكَرَهُ أَيْ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ وَلَا يُعَارِضُهُ أَيْ احْتِمَالُ الْإِطْلَاقِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ أَيْ الرَّافِعِيُّ (فِي ذَلِكَ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الْجَزْمِ وَالْحِكَايَةِ الْمَذْكُورَيْنِ.(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأَخِيرَةُ) أَيْ رُطُوبَةُ الْفَرْجِ.(قَوْلُهُ وَتَوَلُّدُهَا مِنْ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْجَهَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ أَنَّهَا مَتَى خَرَجَتْ مِمَّا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ كَانَتْ نَجِسَةً؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ رُطُوبَةٌ جَوْفِيَّةٌ وَالرُّطُوبَةُ الْجَوْفِيَّةُ إذَا خَرَجَتْ إلَى الظَّاهِرِ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا. اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ السَّابِقِ هُنَا وَهِيَ مَاءٌ أَبْيَضُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمَذْيِ وَالْعَرَقِ يَخْرُجُ إلَخْ سم.(قَوْلُهُ وَبِفَرْضِهِ إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا يَقْتَضِيهِ الضَّرُورَةُ الْعَفْوَ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ مَعَ كَثْرَةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ لَا الطَّهَارَةِ بَصْرِيٌّ وَسَمِّ، وَقَدْ يُمْنَعُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ طَهَارَةِ الطَّعَامِ الْخَارِجِ وَطَهَارَةِ الْبَلْغَمِ النَّازِلِ مِنْ أَقْصَى الْحَلْقِ لِلضَّرُورَةِ.(قَوْلُهُ فَضَرُورَةٌ) إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ قُلْنَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.(قَوْلُهُ حَتَّى لَا يَتَنَجَّسَ ذَكَرُهُ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي شُمُولِ الرُّطُوبَةِ الطَّاهِرَةِ لِلْخَارِجِ مِمَّا وَرَاءَ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الْفَرْجِ لِظُهُورِ أَنَّ الذَّكَرَ مُجَاوِزٌ فِي الدُّخُولِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ، وَقَدْ يُقَالُ الْوَلَدُ خَارِجٌ مِنْ الْجَوْفِ الَّذِي لَا كَلَامَ فِي نَجَاسَةِ مَا فِيهِ سم.(قَوْلُهُ كَالْبَيْضِ وَالْوَلَدِ إلَخْ) وَقَيَّدَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَدَمَ وُجُوبِ غَسْلِ الْوَلَدِ بِالْمُنْفَصِلِ فِي حَيَاةِ أُمِّهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا الْوَلَدُ الْمُنْفَصِلُ بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ فَعَيْنُهُ طَاهِرَةٌ بِلَا خِلَافٍ وَيَجِبُ غَسْلُهُ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ. اهـ.وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ الْبَيْضَةِ وَالْوَلَدِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا رُطُوبَةٌ نَجِسَةٌ انْتَهَى. اهـ. سم.(قَوْلُهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ الْمَوْلُودِ) أَيْ لِطَهَارَتِهِ بِدَلِيلِ تَفْرِيعِ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ عَلَى قَوْلِهِ حَتَّى لَا يَتَنَجَّسَ إلَخْ لَكِنَّ هَذَا قَدْ لَا يُنَاسِبُ مَعَ قَوْلِهِ وَإِنْ قُلْنَا إلَخْ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلتَّلَاقِي بَيْنَ الْبَاطِنَيْنِ فِي الْبَاطِنِ أَوْ أَنَّهُ عُفِيَ عَنْ مُلَاقَاتِهِ لَهَا سم، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ شِدَّةَ الضَّرُورَةِ اقْتَضَتْ الطَّهَارَةَ كَمَا مَرَّ عَنْهُ فِي الطَّعَامِ الْخَارِجِ وَالْبَلْغَمِ النَّازِلِ عَنْ أَقْصَى الْحَلْقِ.(قَوْلُهُ مِنْ الْخَارِجِ) أَيْ مِمَّا خَرَجَ مِنْ الْبَاطِنِ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ أَيْ مِنْ الْبَوْلِ. اهـ.(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ) أَيْ الْفَرْجَ.(قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ الْبُلْقِينِيُّ.(قَوْلُهُ فِي ثُقْبَتِهِ) أَيْ ثُقْبَةِ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ. اهـ) أَيْ بَحْثُ الْبُلْقِينِيِّ كُرْدِيٌّ.(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَلِأَنَّهَا كَالْعَرَقِ إلَخْ.(قَوْلُهُ فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِيهِ) أَيْ فِي الشَّكِّ.(قَوْلُهُ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ فِي رُطُوبَةِ ثُقْبَةِ بَوْلِ الْمَرْأَةِ وَرُطُوبَةِ بَاطِنِ الذَّكَرِ بَصْرِيٌّ أَيْ فِيمَا لَوْ شَكَّ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا هَلْ أَصْلُهَا مِنْ الْخَارِجِ أَمْ لَا.(قَوْلُهُ السَّابِقُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي مِثْلِ إلَخْ.(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَلِأَنَّهَا كَالْعَرَقِ إلَخْ.(قَوْلُهُ إلَّا إنْ عُلِمَ اخْتِلَاطُهَا بِنَجِسٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا عُلِمَ مُلَاقَاةٌ بِدُونِ اخْتِلَاطٍ فَطَاهِرٌ وَوَجْهُهُ مَا مَرَّ أَنَّ الْمُلَاقَاةَ فِي بَاطِنَيْنِ لَا تَضُرُّ فَتَدَبَّرْ بَصْرِيٌّ.(وَلَا يَطْهُرُ نَجِسُ الْعَيْنِ) بِغَسْلٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِإِزَالَةِ مَا طَرَأَ عَلَى الْعَيْنِ وَلَا اسْتِحَالَةٍ إلَى نَحْوِ مِلْحٍ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الِاسْتِحَالَةِ هُنَا أَنْ يَبْقَى الشَّيْءُ بِحَالِهِ وَإِنَّمَا تَغَيَّرَتْ صِفَاتُهُ فَقَطْ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا شَيْئَانِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ لِلنَّصِّ عَلَيْهِمَا وَلِعُمُومِ الِاحْتِيَاجِ بَلْ الِاضْطِرَارُ إلَيْهِمَا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ (إلَّا خَمْرًا) وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَرَمَةٍ وَأَرَادَ بِهَا هُنَا مُطْلَقَ الْمُسْكِرِ وَلَوْ مِنْ نَحْوِ زَبِيبٍ وَتَمْرٍ وَحَبٍّ لِتَصْرِيحِهِ كَالْأَصْحَابِ فِي بَابَيْ الرِّبَا وَالسَّلَمِ بِحِلِّ تِلْكَ الْمُسْتَلْزِمِ لِطَهَارَتِهَا عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْأَثَرِ وَمَالِكًا وَأَحْمَدَ عَلَى وَصْفِهِ بِذَلِكَ كَمَا هُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ (تَخَلَّلَتْ) بِنَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ مُصَاحَبَةِ عَيْنٍ أَجْنَبِيَّةٍ لَهَا لِأَنَّ عِلَّةَ النَّجَاسَةِ وَالتَّحْرِيمِ الْإِسْكَارُ، وَقَدْ زَالَ وَلِحِلِّ اتِّخَاذِ الْخَلِّ إجْمَاعًا وَهُوَ مَسْبُوقٌ بِالتَّخَمُّرِ قِيلَ إلَّا فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ فَلَوْ لَمْ يَطْهُرْ لَتَعَذَّرَ اتِّخَاذُهُ وَلَا يَرِدُ عَلَى إطْلَاقِهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعْمُهُ تَخَلُّلُ مَا وَقَعَ فِيهِ خَمْرٌ أَوْ عَظْمٌ نَجِسٌ ثُمَّ نُزِعَ قَبْلَ تَخَلُّلِهِ لِأَنَّ مَانِعَ الطَّهَارَةِ هُنَا تَنَجُّسُهُ لَا كَوْنُهُ خَمْرًا.تَنْبِيهٌ:الْمُسْتَثْنَى إنَّمَا هُوَ الْخَمْرُ بِقَيْدِ التَّخَلُّلِ لَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ فِي عِبَارَتِهِ تَسَاهُلٌ؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ لِلْخَلِّ لَا لِلْخَمْرِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى سَبْقِ الْخَلِّ بِالتَّخَمُّرِ الْحِنْثُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ تَخَمَّرَ هَذَا الْعَصِيرُ فَتَخَلَّلَ وَلَمْ يُعْلَمْ تَخَمُّرُهُ نَظَرًا لِلْغَالِبِ أَوْ الْمُطَّرِدِ (وَكَذَا إنْ نُقِلَتْ مِنْ شَمْسٍ إلَى ظِلٍّ وَعَكْسُهُ) فَتَطْهُرُ (فِي الْأَصَحِّ) إذْ لَا عَيْنَ (فَإِنْ خُلِّلَتْ بِطَرْحِ شَيْءٍ) كَمِلْحٍ أَوْ وَقَعَ فِيهَا بِلَا طَرْحٍ وَبَقِيَ إلَى تَخَلُّلِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَثَرٌ فِي التَّخَلُّلِ أَوْ نُزِعَ، وَقَدْ انْفَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ كَانَ نَجِسًا وَإِنْ نُزِعَ فَوْرًا كَمَا مَرَّ نَعَمْ يُسْتَثْنَى نَحْوُ حَبَّاتِ الْعَنَاقِيدِ مِمَّا يَعْسُرُ التَّنَقِّي مِنْهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ وَمُتَأَخِّرُونَ خِلَافًا لِآخَرِينَ وَإِنْ أَوَّلُوا كَلَامَ الْمَجْمُوعِ وَبَنَوْا كَلَامَ غَيْرِهِ عَلَى ضَعِيفٍ إذْ لَا مُلْجِئَ لَهُمْ إلَى ذَلِكَ وَكَذَا مَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِعَصْرِ يَابِسٍ أَوْ اسْتِقْصَاءِ عَصْرِ رَطْبٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورَتِهِ (فَلَا) تَطْهُرُ وَيَحْرُمُ تَعَمُّدُ ذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلًّا فَقَالَ لَا» وَعِلَّتُهُ تَنَجُّسُ الْمَطْرُوحِ بِالْمُلَاقَاةِ فَيَنْجَسُ الْخَلُّ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ اسْتَعْجَلَ إلَى مَقْصُودِهِ بِفِعْلِ مُحَرَّمٍ فَعُوقِبَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ كَمَا لَوْ قَتَلَ مُورِثَهُ وَعَلَى هَذَا لَا تَطْهُرُ بِالنَّقْلِ السَّابِقِ وَهُوَ مُقَابِلُ الْأَصَحِّ ثَمَّ وَيَطْهُرُ بِطُهْرِهَا طَرَفُهَا وَمَا ارْتَفَعَتْ إلَيْهِ لَكِنْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ تَبَعًا لَهَا وَفِي مَعْنَى تَخَلُّلِ الْخَمْرِ انْقِلَابُ دَمِ الظَّبْيَةِ مِسْكًا وَنَحْوَهُ لَا دَمُ الْبَيْضَةِ فَرْخًا؛ لِأَنَّهُ بِانْقِلَابِهِ إلَيْهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُ حَيَوَانٍ كَالْمَنِيِّ وَعِنْدَ عَدَمِ انْقِلَابِهِ إنْ كَانَتْ عَنْ كَبْسِ ذَكَرٍ فَكَذَلِكَ لِصَلَاحِيَّتِهِ لِمَجِيءِ الْفَرْخِ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا وَبِهِ يَجْمَعُ بَيْنَ تَنَاقُضِ الْمُصَنِّفِ فِيهِ.تَنْبِيهٌ:يَكْثُرُ السُّؤَالُ عَنْ زَبِيبٍ يُجْعَلُ مَعَهُ طِيبٌ مُتَنَوِّعٌ وَيُنْقَعُ ثُمَّ يُصَفَّى فَتَصِيرُ رَائِحَتُهُ كَرَائِحَةِ الْخَمْرِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ الطِّيبَ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الزَّبِيبِ تَنَجَّسَ وَإِلَّا فَلَا وَلَا عِبْرَةَ بِالرَّائِحَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ أُلْقِيَ عَلَى عَصِيرٍ خَلٌّ دُونَهُ أَيْ وَزْنًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ تَنَجَّسَ؛ لِأَنَّهُ لِقِلَّةِ الْخَلِّ فِيهِ يَتَخَمَّرُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالظَّاهِرَ عَدَمُ التَّخَمُّرِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُمْ نَظَرُوا فِي هَذَا لِلْمَظِنَّةِ حَتَّى لَوْ قَالَ خَبِيرٌ إنْ شَاهَدْنَاهُ مِنْ حِينِ الْخَلْطِ فِي الْأُولَى إلَى التَّخَلُّلِ وَلَمْ يَشْتَدَّ وَلَا قَذَفَ بِالزَّبَدِ لَمْ يُلْتَفَتْ لِقَوْلِهِمَا وَكَذَا لَوْ قَالَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ شَاهَدْنَاهُ اشْتَدَّ وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الِاشْتِدَادَ قَدْ يَخْفَى فَلَمْ يُنْظَرْ لِقَوْلِهِمَا فِي الْأُولَى بِخِلَافِ مَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُمَا أَخْبَرَا بِمُشَاهَدَةِ الِاشْتِدَادِ فَلَمْ يُمْكِنُ إلْغَاءُ قَوْلِهِمْ إلَّا إنْ قُلْنَا إنَّ مَا نِيطَ بِالْمَظِنَّةِ لَا نَظَرَ لِتَخَلُّفِهِ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ وَأَنَّ الْعَلَامَةَ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهَا وُجُودُ مَا هِيَ عَلَامَةٌ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، فَحِينَئِذٍ يُتَّجَهُ إطْلَاقُهُمْ النَّجَاسَةَ وَالْحُرْمَةَ فِي الْأُولَى وَعَدَمُهُمَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخَلَّ فِي كَلَامِهِمْ مِثَالٌ فَيَلْحَقُ بِهِ كُلُّ مَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا لَا يَقْبَلُ التَّخَمُّرَ وَيَمْنَعُ مِنْ وُجُودِهِ إنْ غَلَبَ أَوْ سَاوَى (تَنْبِيهٌ آخَرُ) اُخْتُلِفَ فِي انْقِلَابِ الشَّيْءِ عَنْ حَقِيقَتِهِ كَالنُّحَاسِ إلَى الذَّهَبِ فَقِيلَ نَعَمْ لِانْقِلَابِ الْعَصَا ثُعْبَانًا حَقِيقَةً بِدَلِيلِ: {فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} وَإِلَّا لَبَطَلَ الْإِعْجَازُ وَلَا مَانِعَ فِي الْقُدْرَةِ مِنْ تَوَجُّهِ الْأَمْرِ التَّكْوِينِيِّ إلَى ذَلِكَ وَتَخْصِيصِ الْإِرَادَةِ لَهُ، وَقِيلَ لَا لِأَنَّ قَلْبَ الْحَقَائِقِ مُحَالٌ وَالْقُدْرَةُ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ، وَالْحَقُّ الْأَوَّلُ بِمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى يَخْلُقُ بَدَلَ النُّحَاسِ ذَهَبًا عَلَى مَا هُوَ رَأْيُ الْمُحَقِّقِينَ أَوْ بِأَنْ يَسْلُبَ عَنْ أَجْزَاءِ النُّحَاسِ الْوَصْفَ الَّذِي صَارَ بِهِ نُحَاسًا وَيَخْلُقُ فِيهِ الْوَصْفَ الَّذِي يَصِيرُ بِهِ ذَهَبًا عَلَى مَا هُوَ رَأْيُ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ تَجَانُسِ الْجَوَاهِرِ وَاسْتِوَائِهَا فِي قَبُولِ الصِّفَاتِ، وَالْمُحَالُ إنَّمَا هُوَ انْقِلَابُهُ ذَهَبًا مَعَ كَوْنِهِ نُحَاسًا لِامْتِنَاعِ كَوْنِ الشَّيْءِ فِي الزَّمَنِ الْوَاحِدِ نُحَاسًا وَذَهَبًا، وَمِنْ ثَمَّ اتَّفَقَ أَئِمَّةُ التَّفْسِيرِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْعَصَا بِأَحَدِ هَذَيْنِ الِاعْتِبَارَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَبِثَانِيهِمَا يُتَّجَهُ قَوْلُ أَئِمَّتِنَا فِي كَلْبٍ مَثَلًا وَقَعَ فِي مَمْلَحَةٍ فَاسْتَحَالَ مِلْحًا أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى نَجَاسَتِهِ بَلْ وَعَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ فَعَمِلُوا بِالْأَصْلِ (تَنْبِيهٌ آخَرُ) كَثِيرًا مَا يُسْأَلُ عَنْ عِلْمِ الْكِيمْيَاءِ وَتَعَلُّمِهِ هَلْ يَحِلُّ أَوْ لَا وَلَمْ نَرَ لِأَحَدٍ كَلَامًا فِي ذَلِكَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فَعَلَى الْأَوَّلِ مَنْ عَلِمَ الْعِلْمَ الْمُوصِلَ لِذَلِكَ الْقَلْبِ عِلْمًا يَقِينِيًّا جَازَ لَهُ عَمَلُهُ وَتَعْلِيمُهُ إذْ لَا مَحْذُورَ فِيهِ حِينَئِذٍ بِوَجْهٍ وَمَا تُخُيِّلَ أَنَّهُ مِنْ هَتْكِ سِرِّ الْقَدَرِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ إفْشَاؤُهُ كَمَا فِي تَفْسِيرِ الْبَيْضَاوِيِّ فِي: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْك} فَيُرَدُّ بِمَنْعِ أَنَّ هَذَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَا وُضِعَ لَهُ عِلْمٌ يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ بِهِ لَا يُسَمَّى الْعَمَلُ بِهِ هَتْكًا لِذَلِكَ وَإِنَّمَا الَّذِي مِنْهُ فِعْلُ الْخَضِرِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْلِ الْغُلَامِ وَفِي بَعْضِ حَوَاشِي الْبَيْضَاوِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ هَذَا مِنْهُ مَنْزَعٌ صُوفِيٌّ وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْته أَنَّ الْهَتْكَ إنَّمَا هُوَ فِي نَحْوِ فِعْلِ الْخَضِرِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَكْشِفُهُ اللَّهُ لِأَخِصَّائِهِ مَوْهِبَةً إلَهِيَّةً مِنْ غَيْرِ تَعَلُّمٍ وَلَا اسْتِعْدَادٍ، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي أَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْإِنْسَانُ ذَلِكَ الْعِلْمَ الْيَقِينِيَّ وَكَانَ ذَلِكَ وَسِيلَةً لِلْغِشِّ فَالْوَجْهُ الْحُرْمَةُ وَكَذَا تَطْهِيرُ نَحْوِ نُحَاسٍ حَتَّى يَقْبَلَ صَبْغًا أَوْ خَلْطًا؛ لِأَنَّهُ غِشٌّ صِرْفٌ نَعَمْ إنْ بَاعَهُ لِمَنْ يَعْلَمُهُ بِحَقِيقَتِهِ جَازَ مَا لَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ يَغُشُّ بِهِ غَيْرَهُ كَبَيْعِ الْعِنَبِ لِعَاصِرِ الْخَمْرِ وَتَخَيُّلُ أَنَّ الصِّبْغَ الَّذِي لَا يَنْكَشِفُ مُلْحَقٌ بِقَلْبِ الْأَعْيَانِ فَاسِدٌ لِقَوْلِهِمْ ضَابِطُ الْغِشِّ أَنْ يَكُونَ فِيهِ وَصْفٌ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ أَيْ وَلَا تَقْصِيرَ مِنْ الْمُشْتَرِي لِمَا يَأْتِي فِي زُجَاجَةٍ ظَنَّهَا جَوْهَرَةً وَهُنَا لَا تَقْصِيرَ إذْ يَعِزُّ الِاطِّلَاعُ عَلَى حَقِيقَةِ ذَلِكَ الْمَصْبُوغِ، فَإِنْ قُلْت صَرَّحُوا بِكَرَاهَةِ ضَرْبِ مِثْلِ سِكَّةِ الْإِمَامِ، وَظَاهِرُهُ حِلُّ ضَرْبِ مَغْشُوشٍ غِشُّهُ بِقَدْرِ غِشِّ مَضْرُوبِ الْإِمَامِ قُلْت هَذَا الظَّاهِرُ مُتَّجَهٌ إذْ لَا مَحْذُورَ حِينَئِذٍ حَيْثُ كَانَ يُسَاوِيهِ غِشًّا وَلُيُونَةً بِحَيْثُ لَا يَتَفَاوَتُ ثَمَنُهُمَا.
|